¤ اللقاء الأخير:
في حجة الوداع بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وهو يوصيهم الوصايا التي ستعيش معهم ويعيشون بها من بعده إلى قيام الساعة، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عوان عندكم، ألا إن لكم على نسائكم حقًّا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يؤذن في بيوتكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» رواه مسلم.
عزيزي الزوج:
لقد حث الإسلام على التعامل برفق مع المرأة وأمر الزوج أن يتلطف مع امرأته، فإن المرأة مهما كانت قوية فإن بداخلها نداءً خفيًّا يريد حماية الرجل لها، ولذا فإن أهم ما تحتاج إليه المرأة هو مشاعر الأمان والطمأنينة، وإذا فقدتها إضطربت، والرجل الحقيقي هو القادر على منحها هذه المشاعر، والمصدر الأول لأمان المرأة هو حب الرجل الحقيقي، فإذا شعرت بحب زوجها اطمأنت، والزوج الذي تكون زوجته هي حبيبته هو الزوج الناجح، ومن طمأنينة المرأة أن تشعر صدق زوجها، فالصادق هو إنسان سامٍ ورفيع، ولابد أن يكون شجاعًا، وكل تلك الصفات تشد المرأة إلى الرجل.
ومن طمأنينتها أيضًا أن يكون زوجها قادرًا على تحمل المسئولية، مسئولية الحياة، مسئوليته عن نفسه، وعن زوجته وأسرته، ومسئوليته كإنسان، والرجل الحق لا يتهرب من المسئولية، وإنما يتجه إليها بصدق وهمة وإيمان وفهم وحب ويسعد بما يقدمه للآخرين من عطاء، سواء كان عطاء المسئولية أو عطاءً حرًّا نابعًا من حسه الإنساني النبيل.
ومن طمأنينتها أيضًا أن يكون لزوجها نفوذ إنساني، وهذا يعني ثراء شخصيته، ويعني إهتمامه بالحياة وبالإنسان وبالمجتمع، ومن طمأنينتها أيضًا أن يكون زوجها متمتعًا بالثبات الإنفعالي، فلا يندفع غاضبًا ثائرًا لأبسط الأمور، ويفقد السيطرة على سلوكه، وينهار ويصدر عنه كلام غير منطقي وألفاظ سيئة، بل يكون صبورًا حكيمًا منطقيًّا، وأن يكون انفعاله انفعالاً بناء لمعالجة موقف، فيكون راقيًا في غضبه.
والمرأة تطمئن للرجل المتوازن وتفتن بالرجل المتكامل، وتتعلق بالرجل الحي المتحرك النشط القوي الشجاع الحالم الرقيق، وكل ذلك هو مزيج الرجولة الحقة.
ماذا تحب الزوجة؟
عزيزي الزوج…إن المرأة تحب الرجل الذي يفهمها ويشعر بها، الرجل الذي لديه حساسية خاصة تجاه مشاكلها وآلامها وطريقة تفكيرها، فالمرأة تحب الرجل الذي يحبها من بعد ما تحبه.
فالمرأة تحب الأشياء الصغيرة، فإنك إذا اشتريت لزوجتك كل يوم وردة وأعطيتها لزوجتك، خير لك من أن تشتري لها خاتمًا وتهديه إليها، فإنها تحب الرجل الذي لا تحتاج معه أن تشرح ما بها، وما تحتاجه وما يؤلمها، ولذلك أخي الزوج فهي تحتاج منك أن ترعاها وتهتم بها وتسقيها من ماء حبك فهي الوردة التي نبتت في صحراء حياتك وهي ترى كل حياتها أنت وكل وجودها أنت.
إن المرأة ولدت وبها عوج كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المرأة خُلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها» رواه مسلم.
وعلى الزوج أن يفهم أن عِوج المرأة خِلقة فيها، فقد وُلدت ومعها عذرها الفطري، ومن قصد أن يقيم العوج شوَّه الخِلقة، كمن قصد إقامة عوج الأنف أو استدارة العين، فعند أهل النظر يُرى الجمال في العوج، ومن كره خلقًا أحب آخر.
فلا يطالب الرجلُ المرأةَ أن تكون مثله، ولا يتهمها بالنقص والمعايرة لأنها ناقصة عقل ودين، وإنما يعيش معها وهو يتقبل هذه الطبيعة فيها كما هي، فإن الضلع الأعوج إذا ذهبت تقيمه كسرته.
تقول المرأة: إننا لا نخرج معًا أبدًا.
عندما يخطئ الرجل في الترجمة:
الترجمة الحرفية التي يفهمها الرجل: إنك لا تقوم بواجبك أبدًا، وكم خاب ظني بك الآن، وإننا لم نعد نقوم بأي عمل مع بعضنا، لأنك كسول وغير عاطفي وممل.
الترجمة الصحيحة: إني أشعر بالرغبة في الخروج معك، وعمل شيء مع بعضنا، فأنا أستمتع بقضاء الوقت معك، وأحب أن أكون معك.
تقول المرأة: إنني متعبة، ولا أستطيع أن أقوم بعمل.
الترجمة الحرفية: إنني أعمل كل شيء هنا، وأنت لا تقوم بأي عمل، إنني أحتاج لرجل يساعدني، لم يكن زواجنا موفق الاختيار أبدًا.
الترجمة الصحيحة: لقد قمت اليوم بأعمال كثيرة، وإنني أحتاج لبعض الراحة قبل أن أعمل أي شيء آخر، هل لك أن تساعدني، وتطمئنني بأن ما أقوم به لا بأس به، وأني أستحق بعض الراحة.
تقول المرأة: البيت دومًا في فوضى.
الترجمة الحرفية: إن البيت دومًا في فوضى بسببك، إنني كلما قمتُ بتنظيفه أفسدتَه أنت، إنك مهمل، ولا أريد العيش معك حتى تتغير، إما أن تنظف البيت وإما أن تخرج من حياتي.
الترجمة الصحيحة: إنني متعبة، وأشعر بالرغبة في بعض الراحة، إلا أن البيت يحتاج للترتيب، لا أعتقد أنك تتوقع مني أن أنظفه كله من جديد، هل توافق معي أنه يحتاج للترتيب؟ وهل تساعدني في جزء من العمل؟
وهكذا يؤدي سوء الفهم لما يقوله شريك الحياة إلى الجدال بين الرجل والمرأة، ولا سبيل إلى الخروج من هذا المأزق إلا أن يتفهم كلا الزوجين كلمات الآخر وألفاظه، بل وما وراء هذه الألفاظ من معاني.
مظاهر التعامل الحسن بين الزوج وزوجته:
لكي تعرف أخي الزوج أنك تعامل زوجتك بحسن وامتنان فهناك أمور يجب أن تفعلها، منها:
ـ حسن الإستهلال عند الدخول إلى البيت: مثل البدء بالسلام، وطلاقة الوجه والمصافحة، وعذوبة الخطاب، ولطافة النداء من خلال الكلمة، والإهتمام بالزوجة، وإشعارها بذلك، ووضوح الكلام والتأني والنداء بأحب الأسماء إليها.
ـ كذلك تطييب الخاطر: فالزوجة قد تمر ببعض الأزمات والمشكلات وتحتاج إلى إبتسامة تذهب عنها آلام ما تعاني، وتمسح عنها عبرات التعب.
ـ وكذلك مشاركة الزوج لزوجته في أعمال المنزل مثل: إعداد الطعام، أو شرائه، أو ترتيب البيت….إلخ، يُدخل السرور على الزوجة، ويقوي مشاعر المودة والمحبة بينهما، وكذلك إكرام الزوجة والترفق به.
ـ واحذر أخي الزوج أن تعامل زوجتك بالترهيب والخوف، ورد الفعل المباشر، بل اجعل علاقتك بها يغمرها الإحساس بالأمان ومن ثم يغمرها الحب، وإذا أردت أن تعرف ما تشعر به زوجتك حين تفتقد الأمان فتخيل ما سيكون عليه شعورك من توتر وإنزعاج عندما تشعر بعدم الأمان كلما تفوهت بكلمة أو عبرت عن رأيك، أو إشتكيت أو عندما تعمل عملاً ما، سوف تقلق بشأن أحتمال تفوهك بشيء خطأ، أو لأنك لم تحسن القيام بتنظيف المطبخ كما ينبغي، أو لم تجهز الغذاء كما يجب أو أن شريكك يداوم على تسجيل كل ما تقوم به ويحاسبك على الصغير والكبير.
ـ واعلم أن المرأة تشعر بحال جيدة حينما تشعر أنها محبوبة وحينما تكون علاقتها بشريك حياتها على ما يرام، وأما حين تشعر أنها غير محبوبة، أو بأنها غير ذات أهمية، أو أنها وحيدة، فإن كل تلك العوامل سموم تحطم روح الأنثى في قلبها، والمرأة تحب أن تكون جزءًا من كل، وعضوًا في جسد، وشريكًا ذا أهمية، ولذلك فإن من المظاهر المنتشرة أن نجد الزوجات يسألن أزواجهن عن مكانتهن عندهم، فالزوجة نراها تسأل زوجها هل يحبها؟ وتلح عليه في المسألة وتكررها دون ملل.
** ورقة عمل:
1- على الزوج فهم طبيعة زوجته، بأن يتعلم الإهتمام بالأشياء البسيطة في حياة زوجته، والتي ربما كانت لا تهمه من قبل هذا الفهم.
2- أن يهتم أيضًا بالهدايا البسيطة الصغيرة والمتكررة، مثل إهدائها وردة، أو عقد اكسسوار أو زجاجة عطر.
3- ولا ينسَ أن يهديها المشاعر، فالمرأة تمتلئ حيوية وعطاء عندما تشعر أن الرجل يرعاها ويهتم بمشاعرها، بالكلمة الجميلة والابتسامة المعبِّرة والمعاملة المهذبة، والثناء على جمالها ورقتها وأنوثتها، فهي تريد تقديرك لها ولجمالها.
هل تتذكر أخي الزوج ما كنتَ ترتدي أنت منذ أسبوع؟ أظنك لا تتذكر، ولو سألت أكثر الرجال قوة في الذاكرة فلن تجده يتذكر إلا ما كان يرتديه منذ أيام وبالكاد، أما المرأة فاسألها عن ثيابها التي حضرت بها زواج خالها وهي في العاشرة من عمرها، فسوف تصفها لك بالكامل، وخاصة مواطن الجمال فيها.
4- إشكرها إذا اشترت لك أو أهدتك شيئًا ولو كان بسيطًا، اشكرها بعد المتعة الجسدية، اشكرها إذا قالت كلمة جميلة، اشكرها إذا وفَّرت لك جوًّا من الاستقرار والبهجة في البيت.
الكاتب: أم عبد الرحمن محمد يوسف.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام.